الخميس، 4 يوليو 2013

شَبَحْ الرَحِيلْ




تتوعّكُ ذاكِرَتِي حيِنمَا تَهمِيْ عليهَا سَحَابُ الوَدَاعْ
فأتذكّرُ رائِحَةَ القِطاراتْ ،، وحقائِبَ الَرِحيِلِ المُكتضّةِ بِالذِكرياتْ
وصَوتْ المقَاعِدْ المَسحُوبَة ، وبَقَايَا أصَابِعْ تُلوّحُ بِالوَدَاعْ
وبَريِقَ الفُراقِ يَحتَظِنُ الجُفونْ ، وَرائِحَة التَشرّدِ تَفُوحُ مِنْ أفواهِهمْ !
ظُهورِهم المُقوّسَة ، ومعاطِفِهم السَودَاءِ التِي تُوارِيْ سَوءَةَ حُزنِهِم المَفضَوح !
وَ ذَاكَ النِسيَانْ الذِيْ يَتدّلّى مِنْ رموشِهمْ !
يُثِيرُ رَغبَتِي فِي الهُروبِ لأميَالٍ تترامى بينَنَا
::
ذلِكَ الوَدَاعْ لَمْ يَكُنْ سِوَى سَفِينَة عادَتْ لِتستَرِدَّ زُمرّدَةِ اللحَظَاتِ الجمَيلَةِ التِي
سَرقُوهَا خِلسَةً مِنْ مرفَأ الزَمنْ !
فيَرحَلونْ ويَقطَعونَ الكُثبانَ والوِديَانْ وكُلِّ مِنهُم يَكتَنزُ فِي صَدرِهِ رَبيعاً صَغِيراً
ويَدُسُّ فِي جَيبِةِ بينَ منادِيلِهِ السَودَاء ونَزَواتِهِ العابِرَةِ حَفنَةَ أمَل !
وَيَظَلُّ ذاكَ الرَحِيلْ جُزءاً مِنْ تسلِيَةِ القَدرْ ،،
وذاكَ اللِقَاء بينَ ثَنايَاه المَسمومَة يَمضَغُهُ ثُمّ يَرمِي بِهِ على قارِعَة النِسيَان !
وتتَوالَىَ يَأجوجَ ومأجوجَ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ ينسِلونْ لِتبتُرَ أكُفَّ اللِقَاءِ الغَجريّة
وتُشيّدَ صَوامِعَ مِنَ الحُزنِ الأسوَدَ تسحَقُ فِي أجسادِهمْ بيَاضَ الرُوح !
::
فَمَهما تَدفّقتْ لَحَظَاتِهم شِعراً وَعِطراً وشلالاتٍ مِنَ لؤلؤٍ يَظلُّ الرَحِيلْ
كشَبحٍ أسودَ يَحدُوهُم حَتّىَ تختَنِقَ كُلَّ ألوَانِ الحيَاةِ فِي أحداقِهم !

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

تَحَدّثُوا فَكُلَّيْ آذَانٌ صَاغِيَة